الرضاعة الطبيعية ومرض السرطان درع وقاية للأم والطفل

الرضاعة الطبيعية ومرض السرطان درع وقاية للأم والطفل الرضاعة الطبيعية هي هبة من الطبيعة، فهي ليست مجرد وسيلة لتغذية الطفل، بل هي رابط قوي بين الأم وطفلها، …

مدونة أناقة صحية
المؤلف مدونة أناقة صحية
تاريخ النشر
آخر تحديث

الرضاعة الطبيعية ومرض السرطان درع وقاية للأم والطفل

الرضاعة الطبيعية هي هبة من الطبيعة، فهي ليست مجرد وسيلة لتغذية الطفل، بل هي رابط قوي بين الأم وطفلها، وركن أساسي في بناء صحته ومناعته. لكن، هل تعلم أن فوائد الرضاعة الطبيعية تتجاوز بكثير مجرد تغذية الطفل؟ تشير الأبحاث والدراسات العلمية إلى أن الرضاعة الطبيعية تُقدم للأمهات درعًا وقائيًا ضد العديد من الأمراض، بما في ذلك بعض أنواع السرطان.


الرضاعة الطبيعية ومرض السرطان درع وقاية للأم والطفل
الرضاعة الطبيعية ومرض السرطان درع وقاية للأم والطفل

 سنستكشف في هذا المقال العلاقة المذهلة بين الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر الإصابة بمرض السرطان، سواء للأم أو للطفل، مع التطرق إلى الآليات البيولوجية وراء هذه الحماية، وتقديم نصائح ثمينة للمرأة المُرضع للحفاظ على صحتها وسلامتها.
لطالما كانت الرضاعة الطبيعية موصى بها بشدة من قبل منظمات الصحة العالمية بسبب فوائدها الجمة للطفل. ولكن، مع تقدم العلم والأبحاث، أصبحنا نفهم أكثر فوائدها للأم أيضًا، وخاصةً دورها في الوقاية من مرض السرطان. دعونا نتعمق في هذه العلاقة ونكتشف كيف يمكن للرضاعة الطبيعية أن تكون سلاحًا فعالًا في معركتنا ضد هذا المرض.

1. الرضاعة الطبيعية وسرطان الثدي

سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطانات شيوعًا بين النساء، والرضاعة الطبيعية تُعتبر إحدى أهم وسائل الوقاية منه. لكن كيف تُقلل الرضاعة الطبيعية من خطر الإصابة بسرطان الثدي؟

آليات الوقاية:

  • التغيرات الهرمونية: أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، ينخفض مستوى هرمون الإستروجين في جسم المرأة. يُعتبر هرمون الإستروجين عامل خطر رئيسي لنمو خلايا سرطان الثدي، وبالتالي فإن انخفاض مستواه يُقلل من هذا الخطر. علاوة على ذلك، تُشير الدراسات إلى أن الرضاعة الطبيعية تُؤثر على مستقبلات الإستروجين في خلايا الثدي، مما يجعلها أقل استجابة لتأثير الهرمون.
  • التخلص من خلايا الثدي التالفة: تُساعد عملية الرضاعة الطبيعية على إزالة الخلايا التالفة أو التي تحتوي على طفرات جينية من الثدي. يحدث هذا من خلال تغيير الخلايا وتجديدها بشكل مستمر، مما يُقلل من تراكم الخلايا الشاذة التي قد تتحول إلى خلايا سرطانية.
  • تقليل التعرض للدورات الطمثية: تُؤدي الرضاعة الطبيعية إلى انقطاع الطمث لدى معظم النساء، وهذا يعني انخفاض في عدد دورات الطمث التي تتعرض لها المرأة خلال حياتها. يُقلل هذا الانخفاض من التعرض للتقلبات الهرمونية التي قد تزيد من خطر سرطان الثدي.

الأدلة العلمية:

تؤكد العديد من الدراسات العلاقة بين الرضاعة الطبيعية وتقليل خطر سرطان الثدي. وجدت دراسة نشرتها "الجمعية الأمريكية للأمراض السرطانية" أن النساء اللواتي أرضعن لمدة 12 شهرًا أو أكثر قللن من خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 28٪ مقارنة بالنساء اللواتي لم يرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية. كما أشارت دراسات أخرى إلى أن الرضاعة الطبيعية تُقلل من خطر الإصابة بأنواع سرطان الثدي الأكثر عدوانية.

التحديات التي تواجه الأمهات المرضعات:

على الرغم من فوائد الرضاعة الطبيعية العديدة، إلا أن بعض الأمهات يواجهن تحديات قد تُعيق استمرار الرضاعة. من بين هذه التحديات:

  • ألم الحلمات: يُمكن أن يُسبب ألم الحلمات صعوبة في الرضاعة، ولكن يمكن التغلب عليه باستخدام المراهم المُرطبة واتباع طرق الرضاعة الصحيحة.
  • تشققات الحلمات: قد تحدث تشققات في الحلمات بسبب الرضاعة غير الصحيحة، ولكن يمكن علاجها باستخدام كريمات مُخصصة.
  • صعوبة في إرضاع الطفل: قد يواجه بعض الأطفال صعوبة في الرضاعة بسبب مشاكل في اللسان أو الفك، ويُنصح باستشارة طبيب أو اختصاصي رضاعة في هذه الحالة.
  • قلة إنتاج الحليب: قد تُعاني بعض النساء من قلة إنتاج الحليب، ولكن هناك طرق طبيعية لزيادة إنتاج الحليب، مثل شرب السوائل بكثرة وتناول أطعمة مُعينة.

للتغلب على هذه التحديات، يُنصح الأمهات بالحصول على الدعم والإرشاد من المُختصين في مجال الرضاعة الطبيعية. كما يُمكنهن الانضمام إلى مجموعات دعم الأمهات المرضعات لتبادل الخبرات والمعلومات.

2. الرضاعة الطبيعية وسرطان المبيض

يُعتبر سرطان المبيض من أكثر أنواع السرطانات النسائية خطورة، لكن الرضاعة الطبيعية قد تُقلل من خطر الإصابة به. فكيف تُوفر هذه الحماية؟

انقطاع الطمث وانخفاض التعرض للهرمونات:

  • أثناء فترة الرضاعة الطبيعية، يتوقف التبويض لدى معظم النساء، مما يُؤدي إلى انقطاع الطمث. يُقلل انقطاع الطمث من التعرض المتكرر للهرمونات التناسلية، مثل الإستروجين والبروجسترون، والتي تُعتبر عوامل خطر لإصابة بسرطان المبيض.

الأدلة العلمية:

أظهرت العديد من الدراسات أن النساء اللاتي يُرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية لمدة عام أو أكثر يقللن من خطر الإصابة بسرطان المبيض بنسبة تصل إلى 30٪ أو أكثر. وتزداد هذه الحماية مع زيادة المدة الإجمالية للرضاعة الطبيعية على مدى حياة المرأة.

عوامل خطر سرطان المبيض:

هناك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض، منها:

  • التاريخ العائلي: إذا كان لديك تاريخ عائلي للإصابة بسرطان المبيض، فأنتِ أكثر عرضة للإصابة به.
  • الطفرات الجينية: بعض الطفرات الجينية، مثل BRCA1 وBRCA2، تزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض وأنواع أخرى من السرطان.
  • التقدم في السن: يُعتبر التقدم في السن من أهم عوامل الخطر، حيث تُشخص معظم حالات سرطان المبيض بعد سن اليأس.
  • عدم الإنجاب: النساء اللاتي لم ينجبن أبدًا أكثر عرضة للإصابة بسرطان المبيض.
  • استخدام العلاج الهرموني البديل: قد يزيد استخدام العلاج الهرموني البديل لفترة طويلة من خطر الإصابة بسرطان المبيض.

3. الرضاعة الطبيعية وصحة الطفل

تُقدم الرضاعة الطبيعية للطفل مجموعة واسعة من الفوائد الصحية، منها تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. يحتوي حليب الأم على مزيج فريد من العناصر الغذائية والأجسام المضادة التي تُعزز مناعة الطفل وتحميه من العدوى والأمراض، بما في ذلك السرطان.

مكونات حليب الأم ودورها الوقائي:

  • الأجسام المضادة: تُعتبر الأجسام المضادة خط الدفاع الأول للجسم ضد العدوى. ينقل حليب الأم الأجسام المضادة من الأم إلى الطفل، مما يُعزز جهازه المناعي ويحميه من مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك بعض أنواع السرطان مثل اللوكيميا.
  • عوامل النمو: يحتوي حليب الأم على عوامل نمو مُعينة تُساعد على نمو وتطور أنسجة وأعضاء الطفل بشكل صحي، وتُساهم أيضًا في تنظيم نمو الخلايا والحد من خطر تطور السرطان. فعلى سبيل المثال، يحتوي حليب الأم على عامل النمو البشري (hGH) الذي يُحفز نمو الخلايا بشكل طبيعي، وعلى عامل النمو الشبيه بالأنسولين (IGF) الذي يلعب دورًا في نمو الأنسجة وتطورها.
  • الهرمونات والإنزيمات: يحتوي حليب الأم على العديد من الهرمونات والإنزيمات التي تُساعد على هضم الطعام وامتصاص العناصر الغذائية، مثل اللاكتاز، وهو إنزيم يُساعد في هضم سكر اللاكتوز الموجود في الحليب. كما يحتوي على هرمونات مثل الليببتين، الذي يلعب دورًا في تنظيم الشهية والوزن، والهرمونات الدرقية التي تُساهم في نمو دماغ الطفل. يُعتقد أن هذه الهرمونات والإنزيمات تلعب دورًا في الوقاية من بعض أنواع السرطان عن طريق تحسين وظائف الجسم بشكل عام.
  • البريبايوتكس والبروبيوتيك: يحتوي حليب الأم على البريبايوتكس، وهي ألياف غذائية تُغذي البكتيريا النافعة في أمعاء الطفل، والبروبيوتيك، وهي البكتيريا النافعة نفسها. هذه البكتيريا تلعب دورًا هامًا في صحة الجهاز الهضمي وتعزيز المناعة، مما يُساهم في الوقاية من بعض أنواع السرطان.

الرضاعة الطبيعية وأنواع مُحددة من سرطان الطفولة:

  • سرطان الدم (اللوكيميا): تُشير الدراسات إلى انخفاض بنسبة 20٪ في خطر إصابة الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية لمدة ستة أشهر على الأقل بسرطان الدم.
  • سرطان الغدد الليمفاوية: تقلل الرضاعة الطبيعية من خطر الإصابة بسرطان الغدد الليمفاوية، وخاصةً سرطان الغدد الليمفاوية هودجكين.
  • أورام الدماغ: بعض الدراسات تشير إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تُقلل من خطر إصابة الطفل بأورام الدماغ.

فوائد إضافية للرضاعة الطبيعية للطفل:

  • تحسين النمو البدني والعقلي: يُعزز حليب الأم نمو دماغ الطفل وجهازه العصبي ويساهم في تحسين وظائفه الإدراكية.
  • تقليل خطر الإصابة بحساسية الجلد والربو: يُقلل حليب الأم من خطر الإصابة بالأمراض التحسسية، مثل الأكزيما والربو.
  • تعزيز الترابط العاطفي بين الأم والطفل.

4. نصائح للمرأة المرضع للوقاية من السرطان

بالإضافة إلى الرضاعة الطبيعية، هناك عدة تدابير يمكن للنساء اتخاذها لتقليل خطر الإصابة بالسرطان:

  • اتباع نظام غذائي متوازن: تناول الكثير من الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة يُقلل من خطر الإصابة بالسرطان.
  • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: النشاط البدني يُقلل من خطر السرطان ويُحسن الصحة العامة.
  • الحفاظ على وزن صحي: السمنة تُزيد من خطر الإصابة بالعديد من أنواع السرطان.
  • الامتناع عن التدخين: يُعتبر التدخين من أهم أسباب السرطان.
  • الفحص الذاتي للثدي: يُنصح بإجراء الفحص الذاتي للثدي بانتظام للكشف المبكر عن أي تغيرات.
  • الفحوصات الطبية الدورية: استشيري طبيبك بشأن الفحوصات الدورية المناسبة لعمرك وتاريخك الصحي للكشف المبكر عن السرطان.
  • الحد من التعرض للأشعة فوق البنفسجية: يُمكن للأشعة فوق البنفسجية أن تُسبب سرطان الجلد، لذا استخدمي واقي الشمس بانتظام.
  • تقليل استهلاك الكحول: يرتبط استهلاك الكحول بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.

نصائح غذائية للمرأة المرضع:

  • تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم وفيتامين د.
  • تناول الأطعمة الغنية بالحديد.
  • تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا 3.
  • شرب الكثير من الماء.

أهمية الدعم النفسي:

يُمكن أن يكون للرضاعة الطبيعية تأثير كبير على صحة المرأة النفسية. يُنصح الأمهات المرضعات بطلب الدعم النفسي إذا كن يُعانين من التوتر أو القلق أو الاكتئاب. يُمكن أن يُقدم الدعم النفسي المساعدة في التعامل مع التحديات المرتبطة بالرضاعة الطبيعية وتعزيز الصحة النفسية للأم.

الخاتمة 

 الرضاعة الطبيعية ليست مجرد تغذية، بل هي استثمار في صحة الأم والطفل على المدى الطويل. فهي لا توفر للطفل المكونات الغذائية الأساسية فحسب، بل تساهم أيضًا في الوقاية من الأمراض، بما في ذلك بعض أنواع السرطان. يُنصح الأمهات بالاستفادة من هذه الهبة الطبيعية قدر الإمكان واتباع نمط حياة صحي لتعزيز صحتهن وصحة أطفالهن.


مصادر المعلومات

  • La Leche League International: منظمة دولية غير ربحية تُقدم الدعم والمعلومات حول الرضاعة الطبيعية. موقعهم غني بالمعلومات الموثوقة والنصائح للأمهات المرضعات. https://www.llli.org/

  • American Academy of Pediatrics (AAP): الجمعية الأمريكية لطب الأطفال. تُقدم توصيات وإرشادات طبية بشأن الرضاعة الطبيعية وصحة الطفل. https://www.healthychildren.org/

  • World Health Organization (WHO): منظمة الصحة العالمية. تُقدم معلومات عن أهمية الرضاعة الطبيعية وفوائدها للأم والطفل. https://www.who.int/

  • National Childbirth Trust (NCT): مؤسسة خيرية في المملكة المتحدة تُقدم الدعم والمعلومات للحوامل والأمهات الجدد، بما في ذلك معلومات عن الرضاعة الطبيعية. https://www.nct.org.uk/

  • American Cancer Society: تُقدم معلومات شاملة عن الرضاعة الطبيعية وعلاقتها بسرطان الثدي. https://www.cancer.org/

  • National Cancer Institute (NCI): المعهد الوطني للأمراض السرطانية في الولايات المتحدة. يُقدم معلومات عن عوامل الخطر والوقاية من مختلف أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والمبيض. https://www.cancer.gov/

  • Breastfeeding and Reduced Risk of Breast Cancer: A Meta-Analysis: دراسة علمية منشورة في مجلة "The Lancet" تُقدم تحليلًا إحصائيًا لعدة دراسات حول علاقة الرضاعة الطبيعية وانخفاض خطر سرطان الثدي.

  • Breastfeeding and Ovarian Cancer Risk: دراسات بحثية حول الرضاعة الطبيعية وعلاقتها بسرطان المبيض. 


تعليقات

عدد التعليقات : 0