الاكتئاب الموسمي وأعراضه وطرق علاجه

الاكتئاب الموسمي وأعراضه وطرق علاجه  يُعَدّ الاكتئاب الموسمي ، المعروف أيضًا باسم الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، أكثر من مجرد كآبة شتوية عابرة. إنه نمط من الاكت…

مدونة أناقة صحية
المؤلف مدونة أناقة صحية
تاريخ النشر
آخر تحديث

الاكتئاب الموسمي وأعراضه وطرق علاجه 

يُعَدّ الاكتئاب الموسمي، المعروف أيضًا باسم الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، أكثر من مجرد كآبة شتوية عابرة. إنه نمط من الاكتئاب يظهر بشكل منتظم مع تغير الفصول، مُرخياً بظلاله على مزاج الشخص وطاقته وحياته اليومية.

الاكتئاب الموسمي وأعراضه وطرق علاجه
الاكتئاب الموسمي وأعراضه وطرق علاجه

وفي حين أن الشتاء هو الموسم الذي يشتهر بهذا النوع من الاكتئاب، إلا أنه قد يبدأ في الربيع أو أوائل الصيف لدى بعض الأشخاص. يُسلّط هذا المقال الضوء على الاكتئاب الموسمي، ساعياً لفك ألغازه وذلك من خلال التطرق إلى أسبابه، وتحديد أبرز أعراضه، وذلك لتتمكن من التعرف عليه، ومن ثم طلب المساعدة في الوقت المناسب. كما نستعرض معاً أهم طرق علاجه، ونقدم لك نصائح للتخفيف منه والوقاية منه.

ما هو الاكتئاب الموسمي؟

يُعرف الاكتئاب الموسمي بأنه حالة نفسية تؤثر على المزا ج بشكل كبير مع تغير الفصول وبداية فصل الشتاء وتحديداً مع قصر ساعات النهار، كما يرتبط بعدد من الأعراض الأخرى التي تؤثر على حياة الشخص الطبيعية، وتُشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الموسمي من الرجال.

أعراض الاكتئاب الموسمي

قد تبدو بعض أعراض الاكتئاب الموسمي مألوفة لدى الكثيرين، ولكن استمرارها لفترة طويلة مع تغير الفصول قد يكون مؤشراً للإصابة بهذا الاضطراب.

وإليك أبرز أعراض الاكتئاب الموسمي التي يجب الانتباه لها

  1. الشعور بالحزن والكآبة والاكتئاب معظم اليوم وبشكل مستمر.
  2. فقدان الاهتمام والرغبة في ممارسة الأنشطة الممتعة، حتى الأشياء التي كان يستمتع بها الشخص في الماضي.
  3. التغيرات المزاجية المتلاحقة والتي تتراوح بين الشعور بالحزن والكآبة والغضب والقلق.
  4. صعوبة التركيز والانتباه، مما يؤثر على الأداء في العمل أو الدراسة.
  5. فقدان الطاقة والشعور بالإرهاق والتعب المستمر، حتى دون مجهود بدني كبير.
  6. فرط النوم أو صعوبة النوم، مما يؤثر على الاستيقاظ في الصباح والشعور بالانتعاش.
  7. التغيرات في الشهية، إما زيادة في الوزن نتيجة الإفراط في تناول الطعام، وخاصة الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والسكريات، أو فقدان الوزن نتيجة فقدان الشهية.
  8. الشعور باليأس واللا قيمة، وانخفاض ثقة الشخص بنفسه.
  9. التفكير في الموت أو الانتحار بشكل متكرر، وهذه أخطر أعراض الاكتئاب الموسمي والتي تستدعي التدخل العلاجي الفوري.

إذا كنت تعاني من أي من هذه الأعراض مع تغير الفصول، خاصةً خلال فصل الشتاء، فعليك مراجعة الطبيب أو اختصاصي نفسي لتقييم حالتك وتحديد الخطة العلاجية المناسبة.

أسباب الاكتئاب الموسمي

ما زال السبب الدقيق وراء حدوث الاكتئاب الموسمي غير معروف بشكل دقيق. إلا أن الباحثين يربطون بينه وبين عدد من العوامل المحتملة التي تؤثر على الدماغ وتؤدي إلى حدوث تغيرات في المواد الكيميائية والتي بدورها تتحكم في المزاج والسلوك. ومن أبرز هذه العوامل

  1. اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية📌 مع قصر ساعات النهار في فصل الشتاء، يقل التعرض لضوء الشمس وهو أمر مهم للساعة البيولوجية للجسم، فهو يساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ وإنتاج الهرمونات، وقد يؤدي هذا الاضطراب إلى ظهور أعراض الاكتئاب الموسمي.
  2. انخفاض مستويات السيروتونين 📌 يلعب السيروتونين دوراً مهماً في تحسين المزاج والتحكم فيه، ويُعتقد أن انخفاض مستويات السيروتونين في الدماغ يرتبط بالشعور الاكتئاب والحزن والقلق، وقد يساهم قلة التعرض لضوء الشمس في فصل الشتاء في تقليل إنتاج السيروتونين.
  3. زيادة إنتاج الميلاتونين 📌 يُفرز هرمون الميلاتونين في الدماغ مع انخفاض الضوء ليلاً، وهو يساعد على النوم، ومع قصر ساعات النهار في فصل الشتاء، قد يزداد إنتاج الميلاتونين في أوقات مبكرة من اليوم، مما قد يؤدي إلى الشعور بالخمول والكسل والنعاس والتعب، وهذه أعراض تترافق مع الاكتئاب الموسمي.
  4. العوامل الوراثية 📌 تُشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب الموسمي أو أنواع أخرى من الاكتئاب يكونون أكثر عرضة للإصابة به، مما يشير إلى أن للجينات دوراً في حدوث هذا الاضطراب.
  5. التغيرات في النظام الغذائي 📌 يميل البعض خلال فصل الشتاء إلى تناول الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون والكربوهيدرات، مع قلة تناول الفواكه والخضروات، مما قد يؤثر على مستويات الطاقة والمزاج.
  6. قلة النشاط البدني 📌 مع انخفاض درجات الحرارة وبرودة الطقس في الخارج خلال فصل الشتاء، تقل رغبة الكثيرين في ممارسة التمارين الرياضية والأنشطة الخارجية، مما قد يساهم في ظهور أعراض الاكتئاب الموسمي.

بشكل عام، لا يزال الباحثون يعملون على فهم أسباب الاكتئاب الموسمي بشكل أفضل، ومن المرجح أن يكون هناك تفاعل بين هذه العوامل يؤدي إلى ظهور الأعراض.

علاج الاكتئاب الموسمي

لا تُعدّ أعراض الاكتئاب الموسمي مستعصية على العلاج، فهناك العديد من الخيارات العلاجية الفعالة والتي تساعد في التخفيف من هذه الأعراض وتحسين نوعية حياة المريض. ويعتمد اختيار الطريقة المناسبة على عدة عوامل، منها شدة الأعراض، والوضع الصحي العام للشخص، وتاريخه مع الأمراض النفسية، وتفضيلات الشخص نفسه، ودائماً يجب استشارة الطبيب أو المختص لاختيار الخطة العلاجية المناسبة. ومن أبرز طرق علاج الاكتئاب الموسمي: 
  • العلاج بالضوء يُعدّ العلاج بالضوء أحد أكثر الطرق شيوعاً وفعالية في علاج الاكتئاب الموسمي، ويعتمد على التعرض لضوء ساطع يشبه ضوء الشمس لفترة محددة يومياً خلال فصل الشتاء.

  • يساعد العلاج بالضوء على تنظيم إيقاع الساعة البيولوجية في الجسم، وزيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، مما يؤدي إلى تحسين المزاج وتقليل أعراض الاكتئاب الموسمي.

    تتوفر أجهزة العلاج بالضوء في العديد من الأشكال، منها المصابيح الطبية ومصابيح الطاولة، ويجب استخدامها تحت إشراف الطبيب لتحديد شدة الضوء وفترة التعرض المناسبة.

  • العلاج السلوكي المعرفي يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوكيات السلبية التي تساهم في تفاقم أعراض الاكتئاب الموسمي.

  • يهدف هذا النوع من العلاج إلى مساعدة المريض على فهم كيفية تأثير أفكاره على مشاعره وسلوكياته، وتزويده بمهارات للتعامل مع التفكير السّلبي، وبناء أنماط تفكير أكثر إيجابية.

  • الأدوية قد يلجأ الطبيب إلى وصف بعض الأدوية لعلاج الاكتئاب الموسمي، خاصةً في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، والتي لا تستجيب بشكل جيد للعلاجات الأخرى.

  • ومن أبرز هذه الأدوية مضادات الاكتئاب، والتي تساعد على زيادة مستويات السيروتونين وغيرها من النواقل العصبية في الدماغ المسؤولة عن تحسين المزاج.

  • تغييرات نمط الحياة تلعب تغييرات نمط الحياة دوراً مهماً في علاج الاكتئاب الموسمي والتخفيف من أعراضه، كما أنها تساعد في تحسين الصحة العامة للجسم والوقاية من العديد من الأمراض.

  • وتشمل هذه التغييرات
    • ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حيث تساعد ممارسة الرياضة على تحسين المزاج وتقليل التوتر والقلق، وتحفيز إنتاج السيروتونين في الدماغ.
    • الحصول على قسط كافٍ من النوم بانتظام، حيث يؤثر النوم بشكل كبير على المزاج والطاقة، ويُنصح بالحصول على 7-9 ساعات من النوم ليلاً.
    • اتباع نظام غذائي صحي متوازن، يحتوي على الفواكه والخضروات، والبروتينات الدهنية، والحبوب الكاملة، مع الحد من تناول الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة.
    • التعرض لضوء الشمس قدر الإمكان، خاصةً في الصباح، يساعد ذلك على تنظيم الساعة البيولوجية للجسم وتحسين المزاج.
    • إدارة التوتر والتعامل معه بشكل صحي، وذلك من خلال ممارسة تمارين استرخاء مثل التنفس العميق أو التأمل أو اليوجا.

نصائح إضافية للتخفيف من أعراض الاكتئاب الموسمي

بالإضافة إلى طرق العلاج السابقة، هناك بعض النصائح التي يمكنك اتباعها للتخفيف من أعراض الاكتئاب الموسمي:
  1. حافظ على نشاطك وانخرط في الأنشطة الممتعة، ولا تسمح لأعراض الاكتئاب بأن تمنعك من ممارسة حياتك بشكل طبيعي.
  2. خصص وقتاً للهوايات التي تستمتع بها والتي تجعلك تشعر بالسعادة والاسترخاء.
  3. حافظ على التواصل مع الأصدقاء والعائلة، فالتواصل الاجتماعي يدعم الصحة النفسية ويقلل من الشعور بالوحدة والعزلة.
  4. حاول الخروج إلى الطبيعة والتمتع بالهواء النقي وأشعة الشمس، فالتواجد في الهواء الطلق له تأثير إيجابي على المزاج.
  5. احرص على تناول وجباتك بانتظام، ولا تتجاهل وجبة الإفطار وتناول الوجبات الصغيرة بين الوجبات الرئيسية.
  6. مارس تمارين الاسترخاء والتأمل بشكل منتظم، فهي تساعد على التخلص من التوتر والقلق وتحسين المزاج.

متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

من الهام طلب المساعدة الطبية من أخصائي نفسي أو طبيب نفسي إذا كانت أعراض الاكتئاب الموسمي تؤثر على حياتك اليومية، أو إذا كانت الأعراض شديدة أو مستمرة.

كما يجب طلب المساعدة الفورية إذا كان الشخص يفكر في إيذاء نفسه أو الانتحار.

الخاتمة

في الختام، وبعد أن ألقينا الضوء على الاكتئاب الموسمي، وتعرفنا على أعراضه، وتحرينا سبل علاجه، بات من الواضح أن هذا الاضطراب النفسي، رغم شيوعه، لا يُستهان به. فهو كسحابة داكنة تحجب عنا أشعة السعادة وتُلقي بظلالها الثقيلة على حياتنا.

لكن، وكما أن الفصول تتغير، والسماء تصفو بعد العاصفة، فإنّ التعافي من الاكتئاب الموسمي ممكن بل ومُتوقع. فمن خلال وعينا بأهمية الصحة النفسية، وسعينا للحصول على الدعم و العلاج المناسب، نستطيع أن نُعيد لحياتنا بهجتها ونورها.

فلنعمل معًا على نشر الوعي حول الاكتئاب الموسمي، ولنُشجع من يعانون منه على طلب المساعدة، ولنُذّكر أنفسنا بأنّ بعد كل شتاء ربيع مُزهر.


 
مصادر المعلومات

Mayo Clinic. (2023). Seasonal affective disorder (SAD). Retrieved from [https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/seasonal-affective-disorder/symptoms-causes/syc-20364651](https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/seasonal-affective-disorder/symptoms-causes/syc-20364651)
 American Psychiatric Association. (2013). Diagnostic and statistical manual of mental disorders (5th ed.). Arlington, VA: American Psychiatric Publishing.


تعليقات

عدد التعليقات : 0