العناية بالطفل حديث الولادة
تُشرق شمس يوم جديد، ويُعلن بقدومه عن ميلاد أم، و بداية رحلة فريدة مفعمة بالمشاعر الجياشة مع فلذة كبدها. إنها لحظات لا تُنسى في حياة كل امرأة، لحظة احتضان مولودها الجديد بين ذراعيها، لتنطلق في رحلة الأمومة، رحلة ملؤها الحب والحنان، ولكنها في الوقت ذاته رحلة تتطلب العناية الفائقة والاهتمام بكل تفصيل صغير يضمن نمو طفلها بشكل صحي وسليم.
العناية بالطفل حديث الولادة |
منذ اللحظة الأولى التي يفتح فيها طفلك عينيه على هذه الدنيا، تبدأ رحلتكِ في عالم الأمومة، عالم مفعم بالمسؤوليات، يتطلب منكِ التعلم والتكيف مع احتياجات طفلكِ المتغيرة، بدءاً من فهم بكائهِ، مروراً بتغذيتهِ، ووصولاً إلى توفير بيئة آمنة ليُمارس فيها طفولته بكل حب وسلام. سوف نُرشدكِ في هذا الدليل إلى أهم أساسيات العناية بالطفل حديث الولادة، وذلك من خلالِ تقديم معلوماتٍ وشروحاتٍ وافيةٍ تُعينكِ على تخطيّ تحدياتِ هذهِ المرحلةِ الهامّةِ من حياةِ طفلكِ وحياةِكِ.
التغذية هبة الحياة ولبنة النمو
تُعد التغذية أولى لبنات بناء صحة طفلكِ حديث الولادة و مفتاح نموهِ بشكل سليم.
- حليب الأم الكنز الثمين لا يُمكنُ إنكارُ أهميةِ حليبِ الأمِّ للطفلِ حديثِ الولادةِ، فهوَ يُعتبرُ الغذاءَ الأمثلَ الذي يحتوي على جميعِ العناصرِ الغذائيةِ التي يحتاجُها طفلكِ للنموِّ والتطوُّرِ بشكلٍ سليمٍ.
- مكونات سحرية يحتوي حليبُ الأمِّ على مُضاداتٍ حيويةٍ طبيعيةٍ تُساعدُ على حمايةِ الطفلِ من العديدِ من الأمراضِ، مثل التهاباتِ الأذنِ والإسهالِ وأمراضِ الجهازِ التنفسيّ وغيرها من الأمراضِ التي قد تُصيبُ الأطفالَ في هذهِ المرحلةِ العمريةِ الحساسةِ.
- فوائد تتخطى الغذاء لا تقتصرُ فوائدُ حليبِ الأمِّ على توفيرِ الغذاءِ فقط، بل إنَّها تتعدّى ذلك إلى تعزيزِ الرابطةِ العاطفيةِ بين الأمِّ وطفلها من خلالِ التلامسِ الجسديِّ المُباشرِ أثناءَ الرضاعةِ، مما يُساهمُ في خلقِ شعورٍ بالأمانِ والاستقرارِ لدى الطفلِ.
تغيير الحفاضات خطوات بسيطة لصحة ونظافة
قد تبدو عمليةُ تغييرِ الحفاضاتِ للطفلِ حديثِ الولادةِ أمرًا مُرهقًا للأمِّ الجديدةِ، لكنّها في الواقعِ عمليةٌ سهلةٌ وبسيطةٌ يمكنُ التّعوّدُ عليها بسرعةٍ، و تُعدُّ من أساسياتِ العنايةِ بنظافةِ طفلكِ وراحتهِ.
- اختيار الحفاض المناسب يُفضّل اختيار حفاضات ذات جودةٍ عاليةٍ تتميّزُ بنعومتها على بشرةِ الطفلِ الحسّاسةِ وقدرتها على امتصاصِ السوائلِ بشكلٍ جيدٍ لمنعِ حدوثِ التسلّخاتِ والالتهاباتِ.
- التغيير بانتظام يُنصحُ بتغييرِ حفاضةِ الطفلِ بانتظام، وذلك كلّما كانت رطبةً، وذلك للحفاظِ على نظافةِ جلدِهِ وحمايتِهِ من التسلّخاتِ.
- التنظيف بلطف عندَ تغييرِ حفاضةِ الطفلِ، يجبُ تنظيفُ منطقةَ الحفاضِ جيدًا باستخدامِ ماءٍ دافئٍ وقطنةٍ نظيفةٍ، مع مراعاةِ التجفيفِ الجيدِ قبلَ وضعِ الحفاضةِ الجديدةِ
- حماية من التسلّخات يُفضّل استخدامُ كريمٍ واقيٍ من الطفحِ الجلديّ بعدَ كلِّ عمليةِ تنظيفٍ وتجفيفٍ لمنعِ حدوثِ التسلّخاتِ والالتهاباتِ
تُعدُّ عمليةُ تغييرِ الحفاضاتِ فرصةً مثاليةً للأمِّ للتواصلِ مع طفلها والتحدّثِ إليهِ ولمسِهِ بحنانٍ، مما يُعزّزُ من الرابطةِ العاطفيةِ بينهما.
النوم عالم هادئ ينمو فيه طفلك
يحتاجُ الطفلُ حديثُ الولادةِ إلى النومِ لساعاتٍ طويلةٍ خلال اليوم، وذلك لضمانِ نموّهِ بشكلٍ سليمٍ.
- تهيئة البيئة المثالية يجبُ على الأمِّ أن تُوفّرَ بيئةً هادئةً ومُريحةً لنومِ طفلها، وذلك من خلالِ تعتيمِ الغرفةِ وخفضِ أصواتِ الضوضاءِ، مع مراعاةِ أن تكونَ درجةُ حرارةِ الغرفةِ مُعتدلةً
- وضعية النوم الآمنة يُنصحُ بوضعِ الطفلِ على ظهرهِ أثناءَ النومِ، وذلك لتقليلِ خطرِ مُتلازمةِ الموتِ المُفاجئِ للرضّعِ.
- فهم لغة بكاء الطفل قد يجدُّ الأهلُ صعوبةً في فهمِ سببِ بكاءِ طفلهمِ حديثِ الولادةِ، لكن مع المُرورِ بالوقتِ سيتمكنونَ من فهمِ احتياجاتِهِ من خلالِ نوعِ بكائِهِ، فمثلًا بكاءُ الجوعِ يختلفُ عن بكاءِ الحاجةِ إلى تغييرِ الحفاضةِ أو الرغبةِ في النومِ
من خلالِ توفيرِ بيئةٍ مُناسبةٍ ومُريحةٍ للنومِ، سيتمكنُ طفلكِ منَ الحصولِ على قسطٍ وافٍ منَ الراحةِ والهدوءِ، مما يُساعدهُ على النموِّ بشكلٍ سليمٍ.
الاستحمام متعة ونظافة لبشرة ناعمة
يُعدّ الاستحمامُ من أكثرِ الأمورِ التي تُمتّعُ الطفلَ حديثَ الولادةِ، كما أنَّهُ يُساعدُ على تنظيفِ بشرتهِ الحسّاسةِ وحمايتِها منَ الجفافِ والالتهاباتِ.
- التحضير للاستحمام يجبُ على الأمِّ أن تُحضّرَ كافةَ مستلزماتِ الاستحمامِ قبلَ بدءِ العمليةِ، وذلك مثلَ: حوضِ الاستحمامِ الخاصِّ بالأطفالِ، والماءِ الدافئِ، والصابونِ الطبيِّ المُخصّصِ للأطفالِ، والفُوطةِ، وكريمِ الترطيبِ، وحفاضةٍ نظيفةٍ، وملابسَ نظيفةً.
- دعم آمن أثناءَ تحميمِ الطفلِ، يجبُ على الأمِّ أن تدعمَ رأسَهُ ورقبتهُ بيدِها بشكلٍ جيدٍ، وذلك لأنهُ لا يستطيعُ الطفلُ في هذهِ المرحلةِ العمريةِ التّحكّمَ برأسهِ بشكلٍ كاملٍ.
- تنظيف لطيف يجبُ تنظيفُ وجهِ الطفلِ وشعرِهِ وجسمِهِ بلطفٍ باستخدامِ ماءٍ دافئٍ وصابونٍ طبيّ مُخصّصٍ للأطفالِ، مع مراعاةِ شطفِ الجسمِ جيدًا بالماءِ لإزالةِ آثارِ الصابونِ بشكلٍ كاملٍ.
- ترطيب البشرة بعدَ الانتهاءِ من الاستحمامِ، يجبُ تجفيفُ جسمِ الطفلِ بلطفٍ باستخدامِ فُوطةٍ نظيفةٍ وناعمةٍ، ثُمَّ وضعُ كريمٍ مُرطّبٍ على بشرتهِ لحمايتِها منَ الجفافِ.
التواصل مع الطبيب متابعة دورية لصحة أفضل
تُعدُّ الزياراتُ الدوريةُ لطبيبِ الأطفالِ من أهمِّ الأمورِ التي يجبُ على الأمِّ الاهتمامُ بها، وذلك للتأكّدِ من نموّ طفلها وتطوُّرِهِ بشكلٍ سليمٍ.
- جدول اللقاحات يُقدّمُ طبيبُ الأطفالِ جدولًا زمنيًا للّقاحاتِ التي يحتاجُها الطفلُ خلال سنواتِهِ الأولى، وذلك لحمايتِهِ من العديدِ من الأمراضِ.
- الفحوصات الضرورية يقومُ طبيبُ الأطفالِ بفحصِ الطفلِ بشكلٍ دقيقٍ للتأكّدِ من سلامةِ نموِّهِ وعدمِ وجودِ أيِّ مشاكلَ صحيةٍ لديهِ.
- استشارات صحية تُعدُّ الزياراتُ الدوريةُ لطبيبِ الأطفالِ فرصةً مثاليةً للأمِّ لِتوجيهِ أيِّ أسئلةٍ أو استفساراتٍ لديها حولَ صحةِ طفلها ورعايتِهِ.
من خلالِ متابعةِ طفلكِ صحياً بشكلٍ دوريٍّ، ستتمكّنينَ من اكتشافِ أيِّ مشاكلَ صحيةٍ في وقتٍ مُبكّرٍ، مما يُساعدُ على علاجِها بشكلٍ أفضل.
السلامة حماية طفلك في كل خطوة
تُعدُّ سلامةُ الطفلِ حديثِ الولادةِ من أهمِّ الأمورِ التي يجبُ على الأهلِ الاهتمامُ بها، وذلك لأنهُ يكونُ في هذهِ المرحلةِ العمريةِ غيرَ قادرٍ على حمايةِ نفسهِ منَ المخاطرِ.
- بيئة منزلية آمنة يجبُ على الأهلِ توفيرُ بيئةٍ منزليةٍ آمنةٍ لطفلهمِ، وذلك من خلالِ إبعادِ جميعِ الأشياءِ التي قد تُشكّلُ خطرًا عليهِ، مثلَ: الأدواتِ الحادةِ، والأدويةِ، وموادِّ التنظيفِ، وغيرها.
- مقعد السيارة يُعدُّ استخدامُ مقعدِ السيارةِ الخاصِّ بالأطفالِ أمرًا في غايةِ الأهميةِ لحمايةِ الطفلِ منَ الإصاباتِ في حالِ وقوعِ حادثٍ لا قدّر الله.
- النوم الآمن يجبُ وضعُ الطفلِ على ظهرهِ أثناءَ النومِ، وذلك لتقليلِ خطرِ مُتلازمةِ الموتِ المُفاجئِ للرضّعِ.
- الإشراف الدائم لا يجبُ تركُ الطفلِ حديثَ الولادةِ دونَ إشرافٍ منَ الكبارِ أبدًا، وذلك لأنهُ يكونُ في هذهِ المرحلةِ العمريةِ غيرَ قادرٍ على التّصرّفِ بشكلٍ صحيحٍ في حالِ تعرّضِهِ لأيِّ مُشكلةٍ.
تذكّري عزيزتي الأم أنّ توفيرَ بيئةٍ آمنةٍ لطفلكِ هوَ أفضلُ طريقةٍ لحمايتِهِ منَ المخاطرِ، فحافظي على سلامةِ طفلكِ في كلِّ خطوةٍ تخطوها معهُ.
الخاتمة
تُعدُّ الأشهرُ الأولى من عمرِ الطفلِ حديثِ الولادةِ من أهمِّ فتراتِ حياتِهِ، حيثُ يَخضعُ فيها للعديدِ منَ التغيّراتِ الجسديةِ والعقليةِ. و لضمانِ نموِّهِ وتطوُّرِهِ بشكلٍ سليمٍ، يجبُ على الأهلِ توفيرُ الرعايةِ اللازمةِ لهُ، والتي تشملُ توفيرَ التغذيةِ السليمةِ، والحفاظَ على نظافتِهِ، وتوفيرَ بيئةٍ آمنةٍ ومُريحةٍ لنومِهِ ولعبِهِ. كما أنّهُ منَ الضّروريِّ التواصلُ مع طبيبِ الأطفالِ بشكلٍ دوريٍّ للتأكّدِ من سلامةِ صحّتهِ وحصولِهِ على اللّقاحاتِ الضّروريةِ في مواعيدها.
إنّ رعايةَ طفلٍ حديثِ الولادةِ ليست بِالأمرِ الهيّن، ولكنّها في الوقتِ نفسهِ تجربةٌ رائعةٌ ومُجزيةٌ للغايةِ، حيثُ تُتيحُ للأهلِ فرصةَ مُشاهدةِ طفلهمِ وهوَ يَنمو ويتطوّرُ يوماً بعد يومٍ.
المراجع
- منظمة الصحة العالمية
- أكاديمية طب الأطفال الأمريكية
- موقع مايو كلينك