أهمية العلاقات الاجتماعية للصحة النفسية
أهمية العلاقات الاجتماعية للصحة النفسية |
العلاقات الإيجابيّة مفتاح لصحة نفسية أفضل
- خصص وقتًا للعائلة و الأصدقاء ، حتى و إن كنت مشغولاً ، فالضّغوط اليوميّة و التزامات العمل و الحياة قد تجعلك تنعزل قليلًا ، ولكن تذكّر دائمًا أنّ علاقاتك الإنسانية مُهمّة و تستحقّ وقتك و اهتمامك ، و التواصل معهم يُزوّدك بالطاقة الإيجابية التي تحتاجها لتُواصل يومك بنشاط و حيوية، و يُذكّرك بأنّك لست وحدك . خصص بعض الوقت للتواصل معهم ، سواء كان ذلك من خلال زيارة قصيرة أو مُكالمة هاتفيّة أو لقاء أسبوعي .
- شارك في أنشطة اجتماعيّة ، فهناك الكثير من الطرق التي يمكنك من خلالها التواصل مع الآخرين ، فاختر ما تُحبّه و يُثير شغفك ، سواء كانت رياضية أو ثقافية أو فنيّة ، فذلك سيُتيح لك فرصة التّعرّف على أشخاص جدد و بناء صداقات جديدة ، و الانضمام إلى صالات الرّياضة ، و حضور المُحاضرات و الندوات ، و الانضمام إلى ورش عمل تُناسب اهتماماتك ، و التطوّع في مؤسسات خيرية ، كلّها أمثلة لأنشطة يمكنك من خلالها التواصل مع أشخاص جدد و مُشاركة اهتمامات مشتركة .
- تعلّم فنّ الإصغاء ، فالاستماع إلى الآخرين بإنصات و اهتمام هو أفضل طرق للتّواصل معهم ، و يُظهِر احترامك و اهتمامك بِهم، استمع إلى أصدقائك و عائلتك و زملائك ، و أبدِ اهتمامًا بِمَا يقولونه ، اسألهم أسئلة و تفاعل مع قصصهم و خبراتهم ، و تجنّب مُقاطعتهم أو التّحدث عن نفسك أثناء الاستماع إليهم، فالشّعور بأنّك مُستمع جيد يُعمّق العلاقة بينك و بين الآخرين و يزيد من تقاربكم و ثقتكم ببعضكم .
- كن مُبادراً في التّواصل ، فلا تنتظر دائمًا أن يبادر الآخرون بالتواصل معك ، كن أنت الّذي يُبادر و يُظهر اهتمامه بالآخرين ، و أرسِل رسالة نصيّة أو اتصل به هاتفيًّا أو ادعُ أصدقاءك إلى الخروج ، فمُبادرتك بالتواصل مع الآخرين تُعكس إيجابيًا على علاقاتك و تُعطي انطباعًا بالاهتمام و الحب و الرّغبة في تقوية هذه العلاقة .
مُواجهة التحدّيات معًا أثر الدّعم الاجتماعي
- الدّعم العاطفي 📌 هي الحاجة للشّعور بالتّفهّم و التعاطف من الأشخاص الّذين نُحبّهم في أوقات الشّدّة ، فالعلاقات الإيجابية تُقدّم لنا الدعم العاطفي الذي نحتاجه للتّعبير عن مشاعرنا و أفكارنا دون خوف من النّقد أو اللّوم ، و ذلك من خلال التّعبير اللّفظي عن التّعاطف و التّفّهم، و عبر الاستماع الفَعّال لِمَا نُعبّر عنه ، و أيضًا من خلال لغة الجسد التي تُظهر التّعاطف و الدّعم ، فالتواصل العيّني و الابتسامة و اللّمسة اللطيفة ، كلّها إشارات تُعزّز الشّعور بالدفء و الأمان ، فوجود شخص يستمع إليك بِإنصات و يفهم ما تشعر به هو بمثابة منفذ للتّخلّص من الضّغط النفسي و الشّعور بالرّاحة و الأمان .
- الدّعم العملي 📌 تجاوز الكلمات الطيبة و المواساة اللّفظيّة ، و هو التدخّل المُباشر لِلمُساعدة في الأوقات الصّعبة ، فمُساعدة صديق في الانتقال إلى منزل جديد ، أو مُشاركة جارة في تحضير الطّعام في حالة المرض ، هي أفعالٌ تزيد من تقارب القلوب و تعزّز من الشّعور بالتّرابط و التكافل ، لا يقتصر الدّعم الاجتماعي على الكلمات و التعاطف فقط ، بل يتعدّى ذلك إلى تقديم المساعدة العمليّة في الأوقات الصّعبة ، فقد يُقدّم لك أصدقاؤك و عائلتك المساعدة في التّعامل مع مهامّك اليومية ، أو يقومون بتوصيلك إلى الطبيب ، أو يُساعدونك في العناية بأطفالك ، أو في تقديم النّصيحة و الإرشاد ، و أو حتّى المساعدة المالية في حالات الضّرورة ، وهذه الأفعال الصغيرة تُخفّف من أعباء الحياة و تجعلك تشعر بأنّك لست وحدك ، و أن هناك من يهتمّ بك و يُقدّر قِيَمَتك .
- الشّعور بالانتماء 📌 يُعدّ من أهمّ الاحتياجات النّفسية الإنسانيّة ، و هو يُشير إلى الرغبة الفِطريّة في الشّعور بالتّواصل و التّرابط مع الآخرين ، و بأنّك جزء مُهمّ من مجموعة ، و هو أساسي لصحّة نفسية سليمة و لِحياة مليئة بالسّعادة و الرّضا ، و العلاقات الإيجابية هي الطريق نحو الشّعور بهذا الانتماء ، تُساعدنا العلاقات الاجتماعية على الشّعور بالانتماء و تُقلّل من الشعور بالوحدة و العزلة ، فالشّعور بأنّنا جزء من مجموعة و لدينا دور نلعبه و أشخاص يُحبّوننا و نُحبّهم ، يُعزّز من ثقتنا بأنفسنا و يمنحنا الشّعور بالسّعادة و الرّضا ، و هي بمثابة دواء لِلنّفس ، تُساعد على التّخلّص من الشعور بالعزلة و الوحدة ، و الّذي يُمكن أن يُؤثّر على صحّة النفسية بشكل خطير .
- الحدّ من التوتر و القلق 📌 عند وجود أشخاص حولنا نفهمهم و يفهموننا ، نشعر براحة نفسيّة و هدوء ، و نتخلّص من الشّعور بالوحدة و العزلة ، و بالتّالي ، نُصبح أكثر قدرة على التّعامل مع ضغوط الحياة ، أظهرت العديد من الدراسات أنّ الأشخاص الّذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية قوية ، و التي تُوفّر لهم الدعم و الحب ، هم أقلّ عُرضة للإصابة بالعديد من الأمراض ، مثل أمراض القلب و الأوعية الدّموية و السّكري و الاكتئاب و أمراض الزهايمر ، و ذلك بسبب انخفاض مستوى هرمون " الكورتيزول " ( هرمون التوتر ) لديهم ، و ارتفاع مستويات هرمونات " السّعادة " ( الإندورفين و السّيروتونين ) ، التي تُعزّز من الشّعور بالسعادة و الرّاحة و الاسترخاء ، و لذلك ، فإنّ العلاقات الإيجابية تُساهم بشكل مُباشر في تحسين صحّتنا النفسية و الجسديّة على حدّ سواء .
كيفيّة بناء علاقات اجتماعية إيجابيّة
- ابتسم و كن ودودًا الابتسامة هي لغة عالميّة تفهمها جميع الثقافات ، فهي طريق لِلقلب ، و بابٌ لِلنّفوس ، فهي تُعبّر عن اللّطف و القُرب و الانفتاح على الآخرين ، و تُخفّف من الشّعور بالخجل و التّوتر عند مُقابلة أشخاص جدد ، فابتسامتك الصادقة تُساعد على كسر الحواجز بين النّاس و تجعلهم أكثر رغبة في التّواصل معك و تكوين صداقات .
- ابدأ بالتّواصل لا تخجل من بدء المُحادثة مع الأشخاص ، و أبدِ اهتمامًا بهم و بحياتهم و اهتماماتهم ، و تُصبح المُحادثة أكثر سلاسة و راحة ، و يمكنك بدء المُحادثة من خلال تقديم نفسك بِإيجاز ، و طرح أسئلة ، مثل السّؤال عن عملهم أو هواياتهم ، و شاركهم ببعض أفكارك و مُلاحظاتك حول موضوع المُحادثة، واحرص على الاستماع لهم بِإنصات و أبدِ تفاعُلًا إيجابيًا مع ما يقولونه، فلا تقاطعهم أثناء الحديث ، و عبّر عن تفهّمك و اهتمامك بِمَا يُشاركُونه معك.
- اعثر على أشخاص يُشاركونك اهتماماتك من الطرق الفعّالة لبناء علاقات اجتماعية قوية و مُستمرّة، هي العثور على أشخاص يُشاركونك اهتماماتك ، سواء كانت هذه الاهتمامات ثقافية أو رياضيّة أو اجتماعيّة أو فنية ، و ذلك من خلال الانضمام إلى النّوادي و المجموعات الاجتماعية التي تركّز على هذه الاهتمامات ، و المشاركة في فعاليات و أنشطة تُناسب شغفك، و أو التّطوع في أعمال خيريّة تهدف لِدعم قضية تؤمن بها ، كلّها أنشطة تُتيح لك التّعرّف على أشخاص يُشاركونك اهتماماتك و قِيَمك و الرّؤى ، مما يُسهّل عملية بناء علاقات جديدة و قوية ، و يزيد من فرصة التّواصل بشكل مُنتظم و تكوين صداقات دائمة.
- تعلّم مهارات التواصل الفعّال هي القدرة على التّواصل بشكل واضح و فعّال و مُؤثّر مع الآخرين ، و تتطلّب الصّبر و التّدريب و الوعي الذاتي ، هي مُهمّة لبناء علاقات إيجابيّة و قويّة ، و لها أثر كبير في كسب احترام الآخرين و ثقتهم ، تعلّم كيفيّة التعبير عن رأيك بشكل واضح و لبق ، دون إساءة للآخرين أو التّقليل من شأنهم ، واستمع للآخرين بِإنصات و تفهّم ، و حاول أن تفهم وجهة نظرهم و تقدّرها ، و تعلّم فنّ الحوار البنّاء ، و هو الحوار الذي يهدف إلى التّوصّل لحلول و تفاهمات ، و تقبّل وجهات النّظر المختلفة ، و تفهّم أن النّاس مُختلفون ، و أن الاختلاف لا يعني الصّراع .
- تجنّب النّميمة و السّلبية حاول أن تكون شخصًا إيجابيًا و مُتفائلاً و مُشرقًا ، و شارك في نشر الطاقة الإيجابية بين النّاس ، فهذا سيجعلك شخصًا محبوبًا و مرغوبًا في التواجد معه ، و ابتعد عن الأحاديث السّلبيّة التي تُنشر الطاقة السّلبيّة بين النّاس و تُسبّب الإحباط و الضيق ، و ركز على بناء علاقات تعتمد على الاحترام و التقدير و الصدق و الدعم المُتبادل ، فهذه الصفات هي أساس أي علاقة ناجحة و مُستمرة .
الحفاظ على علاقات صحيّة رحلة تستحق العناية
- التّواصل بشكل مُنتظم: أحد أهمّ عوامل نجاح أي علاقة هي التّواصل المستمر ، و هو لا يعني التحدّث كل يوم ، بل التواجد عندما يحتاج إليك الطّرف الآخر، و السّؤال عن أحوالهم و مُشاركتهم في أفراحهم و أحزانهم .
- التّعبير عن التّقدير : يُحبّ جميع النّاس أن يشعروا بالتقدير و الأهمّيّة، و خاصّة ممن نُحبّهم ، و ذلك من خلال التّعبير عن مشاعرك بِصراحة ، فقل " أنا أُقدّر وجودك في حياتي " أو " أشكرك على دعمك " ، أو من خلال أفعالٍ تُعبّر عن مدى اهتمامك بهم، كإعداد وجبة طعام مُفضّلة لهم أو تقديم هديّة رمزيّة في مُناسبة خاصّة ، و و فهذا يُساعد على تقوية أواصر المحبّة و الاحترام و الامتنان .
- التّسامح و الغفران : جميعنا نُخطئ ، و نرتكب أخطاء ، و قد تُؤثّر هذه الأخطاء على علاقاتنا ، و لِكي تستمرّ هذه العلاقات ، يجب أن نتعلّم التّسامح و الغفران و نُدرك أنّه لا يوجد إنسان كامل ، و أن العلاقات الصحيّة هي تلك التي تسمح بِمساحة للأخطاء ، و تُرحّب بالتّعلّم و التّغيير و التطوير.
- احترام الحدود الشخصيّة : لكل فرد مساحته الشخصية و حدوده التي يُفضّل عدم تخطّيها ، و لذلك من المهم أن تُحترم هذه الحدود و تتفهم رغبة الطّرف الآخر في الوحدة أو البُعد في بعض الأحيان ، و احترام هذه المساحة هو جزءٌ أساسي من الاحترام المتبادل بين الأصدقاء و الأحبّاء.
و من الضّروري أن تتفهّم أن لكل علاقة إيقاعها و تطوّرها الخاص ، و لا توجد وصفة سحريّة لضمان استمرار جميع العلاقات ، فبعض العلاقات تستمرّ لِعقودٍ طويلة ، و بعضها قد ينتهي لِأسباب مُختلفة ، و الأهم هو أن نُحاول بذل ما بوسعنا لبناء علاقات إيجابيّة و مُ enriching ، و التّعامل مع تحدّيات هذه العلاقات بِحكمة و مرونة.
الخلاصة
إنّ العلاقات الإيجابيّة كنز لا يُقدّر بِثمن ، هي أساس للنّمو و التطوّر و الشعور بالرّضا ، و تُساهم في تحسين نوعية حياتنا بشكل عام ، فهي تُساعد على تكوين شبكة دعم اجتماعي قوية تُعينُنا على مُواجهة تحدّيات الحياة ، و تُخفّف من التّوتر و القلق ، و تُعطينا شعورًا بالسّعادة و الانتماء . هي مصدر للّسعادة و القوة و الطّمأنينة ، و تُساهم في تحقيق التّوازن النفسي و الصحة النفسية الجّيدة ، فأحِط نفسك بِأشخاص تُحبّهم و يُحبّونك ، أشخاص يدعمونك و يُقدّرونك و تستطيع مُشاركتهم حياتك ، ابتعد عن الأشخاص الّذين يُحاولون إحباطك أو الاستهانة بك ، و حاول أن تُحافظ على توازنك و تفاؤلك دائمًا ، فهذا سينعكس إيجابًا على صحّتك النفسية و سيساعدك على الاستمتاع بِحياتك بشكل أفضل . اعتني بعلاقاتك و استثمر فيها ، فالأوقات التي نقضيها مع أحبّائنا هي الّتي تبقى في الذّاكرة و تمنحنا الشّعور بالسّعادة و الامتنان للحياة ، و اجعل مِن اللّطف و الاحترام و التّسامح لغة في تواصلك مع الآخرين ، و كن مصدرًا للإلهام و الدّعم لِمَن حولك ، فذلك سينعكس عليك بِالطاقة الإيجابية و سيُساهم في بناء مجتمع أكثر سعادة و سلامًا .